November 26, 2009

خيانة مشروعة

أتساءل دائما إن كانت الخيانة سببا حقيقيا لإنهاء علاقة ما.. أم أن ما ينهي العلاقة هي طبيعة العلاقة في حد ذاتها؟ هل الحب – و أقصد به كوكتيل المشاعر الرائعة و ليس حب أسبوع أو شهر الذي نراه هذه الأيام – هل هذا الحب قادر فعلا على استيعاب حتى أكبر الأخطاء التي من الممكن أن يرتكبها أحب الناس إلى قلوبنا و هي الخيانة..؟
أعتقد أنه كلما كبر إحساسنا بالآخر، كلما أصبحت العلاقة معه شيئا مقدسا ندافع عنه و نبذل الغالي و النفيس للمحافظة عليه.. الخيانة هذا المصطلح الذي يرعبنا كلما سمعناه أو ذكرناه له عدة أشكال و وجوه و ممكن أن تكون هناك خيانة باطنية بالقلب و خيانة ظاهرة بالفعل.. لابد أن الكثير يتفق معي أن الخيانة الباطنية هي أشد و أقسى لأنها حقيقة متسترة وراء نفاق الحبيب أو تلاعبه.. أما الخيانة الظاهرة فيمكن أن تكون بقصد مع الاستمرار في ممارستها أو غير قصد...
الآن، أهم ما أريد قوله هو أن حيز الغفران للحبيب الخائن ينحصر في حالة الخيانة الظاهرة فقط، طبعا في حالة اعتراف الحبيب بخيانته و ندمه الشديد و عزمه على التوبة.
لكن هل لدينا القدرة الكافية على الصفح عنه؟ أم أن أشياء أخرى و اعتبارات كثيرة تجعلنا نتخذ الخيانة بمثابة القشة التي تقسم ظهر البعير فننهي العلاقة من فورها دون أن نتأنى قليلا؟ و نحن في قمة ألمنا و فاجعتنا هذه هل نملك القدرة على أن نرى الأمور من وجهة نظره هو أيضا؟ هل نستطيع أن نقول حينها الإنسان خطاء، الإنسان ضعيف، الإنسان..... لا أدري... السؤال الأهم من هذا كله هل نملك فعلا ذلك الحب الكبير الذي يمكننا من احتواء المأساة؟ ما هو الأهم يا ترى في حياتنا؟ الحبيب أم تلك التجربة القاسية التي قد تفطر قلب أحدنا يوما ما من فرط حبنا له و حب تملكنا له و غيرتنا عليه؟ أحيانا يختار المرء – بعد وقوع الخيانة – العيش بعيدا عن ذلك الحبيب، يا ترى ممن ننتقم؟ هل حل قطع العلاقة هو الأنجع أم أننا نحاول قتل من نحب بطعن أنفسنا بسكين البعد و الهجر و القطيعة؟
أؤمن بشيء واحد، أن علاقتنا بأحب الناس إلينا لا تستحق أن ننهيها إلا لسبب واحد.. و هو حين تبرد المشاعر و تتشابه الألوان و يصبح وجوده مثل غيابه و تفصلنا عنه سنوات ضوئية و هو جالس بقربنا.. هنا لا معنى للعلاقة أما أن ننهيها من أجل خطأ أو غلط يمكن لأي شخص منا ارتكابه يوما ما بقصد أو بدون قصد فهذا قمة الغباء
لكنني أنصح أي شخص تعرض للخيانة من طرف حبيبه أن يجعل هذا الحبيب يندم على اليوم الذي فكر فيه أن يخون ثم يسامحه فربما في تلك اللحظة يزداد الحب و تزداد الرغبة طبعا إن لم تكن هناك مشاكل أخرى.. يجب علينا أن نتعلم شيئا مهم هو أنه مادام الحب لا يملك حدود فالعلاقة التي تحتويه لا يجب أن يكون لها حدودك...بمعنى أحبك و إن أخطأت أعاقبك بطريقتي لكن ستظل في مملكتي فلا مكان لفراق بيننا مادام بيننا شيء اسم حب.
مرة سألت إحدى صديقاتي قائلة: يا ترى كيف يعرف الشخص أنه يحب فعلا و ليس مجرد إحساس بالإعجاب أو الانبهار؟ فقالت: الحب هو حين ينتقل الشخص من مرحلة الإعجاب إلى مرحلة الرغبة الجدية في الاستقرار
و بعد مدة طويلة، عرفت أن الحب – زيادة على ما قالته – هو تقبل الآخر لأن الاستمرار و الاستقرار لا يتأتى إلا بتقبلنا لاختلاف الأخر عنا، و المضحك في الأمر أنه حينما نحب شخصا نقضي معظم أوقاتنا في محاولة تغييره و تكييفه حسب أهوائنا و كما نحب نحن متجاهلين أن ما جعلنا نقع في حبه هو "اختلافه" المفرط عنا
على رأي إحدى المقولات الطريفة: تقضي المرأة عشر سنوات من حياتها محاولة تغيير شريك حياتها و حين يتغير تقول له: لم تعد الشخص الذي عرفته من قبل
لنتعلم - حين نحب - كيف نحب بتميز، حتى في تصرفنا حيال أقسى التجارب التي من الممكن أن تهز مواطن الأمان داخلنا و داخل حياتنا...
كوني المرأة التي لم تكن قبلها امرأة.. و لن تأتي بعدها امرأة.. بل مجرد إناث
دمتم نساءا

November 4, 2009

اختاروا العنوان الذي يناسبكم

بعد ساعات طويلة من العمل قررت أن أتسلى قليلا بزيارة بعض المواقع الالكترونية الخاصة بالنساء على غير عادتي، فغالبا ما أهتم بمواقع الأخبار و العلوم.. لأن المواقع النسائية تفوح منها رائحة الحديث عن التفاهات (مع احترامي لبعضها) طبعا هذه التفاهات هي حاصل تحصيل لوضعية المرأة العربية داخل مجتمعها و كيف ينظر إليها، بل أبعد من ذلك و ما ينتظر منها كامرأة..

لأكون منصفة 5 مواقع تتحدث عن الحياة الزوجية 90% من مضمونها موجه للمرأة إن لم أقل مئة بالمئة، إذن ما الغريب في ذلك؟ الغريب في الأمر هو أن كل المقالات تحث المرأة على ما يلي :

كوني لبقة معه – كوني ذكية لأجله – كوني مهذبة في تصرفك معه- ابحثي عن أنوثتك أولا ثم أظهريها أمامه - تعلمي فن اللباقة في محادثته - عليك بالعطاء – كوني حكيمة في تعاملك معه - ابتعدي عن الكبر والغطرسة فهي أشر ما يكرهه الرجل – أشعريه بضعفك – احترمي زوجك – كوني حنونة – غيري ديكور غرفة نومك بالألوان التي يحبها هو..... الخ من المقالات التي أصابتني بالدوار

و كأنهم يقولون لهذه الغبية : فليذهب كل ما تريدينه أنت إلى الجحيم، لأنه ليس هناك ما هو أهم من وضعك أنت و رفيقاتك في مخطط إسعاد الرجل المسكين الذي أنهكته الحياة.. لا بأس في جعلكن مثل الطوب الذي تبنى به درجات السلالم التي سيصعدها المسكين لبلوغ مجده الأسطوري

كنت أتساءل ما الذي يجعل كل هذا الزخم من المواقع بل و حتى المجلات و الأمهات أيضا يلقنون النساء كيف تكون مفكرة الرجل الخاصة و كيف تكون كيفما يريد هو أن يراها لا كيفما تريد هي أن ترى نفسها قبل أي شيء؟؟ لكنني عدلت عن البحث عن جواب لأنني سأدخل في صراعات الهوس بالمساواة و التي لا أدعو إليها شخصيا.. يكفي أن يرجع الشخص لإنسانيته و دينه ليبلغ ذلك المستوى

لكن بما أننا بعيدين كل البعد عن هذه الأشياء الطوباوية.. فلنستعد لسماع مثل هذه النصائح التي تصم الأذن بكثرة طنينها الملح.. فلا أحد سيدعو ذلك المغلوب على أمره لكي

يكون لبقا معها – ذكيا لكي لا يصيبها غباءه بجلطة قلبية – مهذبا في تصرفه معها لكي لا تحس أنها خادمة في البيت لا غير – يبحث عن رجولته المفقودة في هذا الزمان ثم يظهرها لها بالمواقف لا بالكلام المنمق – يشعرها بحاجته الماسة لوجودها في أفقه الضيق – يحترمها كإنسانة و ليس كوعاء يفرغ فيه رغباته المكبوتة – يحنو عليها – يغير ديكور أفكاره المتسلطة و يلونها بألوان يشتركا في اختيارهما معا