April 15, 2011

احتراق الزهور - الجزء الثالث و الأخير


حزمت حقائبها استعدادا للرحيل ، لم أشأ أن أودعها لذلك قضيت النهار كله بالخارج لأتجنب وداعها و بعدما عدت للبيت
لم أجدها .. ذهبت إلى درج ملابسها ، كان فارغا تماما . لم تترك لي سوى الذكريات و الأسى على حالي . تناولت مهدئا و استلقيت لأغط في نوم عميق لأنسى كل شيء .. و لم أستفق سوى على رنين الهاتف ، ظل يرن طوال اليوم ، أعرف أنها هي ، لكنني لم أجب بل إنني لم أعد أسمع رنينه رغم أنه يرن و كأنني غارقة في بئرعميق ، لا أسمع سوى صوت الماء في أذني ، و أتجول في الشقة الكئيبة كشبح منسي و منعزل عن العالم
قررت أن أخرج من عزلتي بعد أسبوع و أذهب لأستنشق بعض الهواء رغم أنني كنت أحس بغضب شديد و أحاسيس سلبية هائلة ، لكن كل ذلك كان داخلي و لم يستطع الخروج ، بل ظل حبيس صدري يحرقني بناره لوحدي و لا أحد غيري
التقيت بجار كنت أعتبره كصديق و كان يعلم بعلاقتي بها ، ألقى التحية علي ثم قال : أنا آسف لما حدث لك
قلت : لا داعي للأسف
قال : هكذا حال الدنيا دائما تفرق بين القلوب .. بالمناسبة هل حضرت لحفل زفافها
نظرت إليه بعدوانية
قال : لا تكوني صبيانية ، ظننتك ستذهبين لحفل الزفاف .. انت لازلت شابة في مقتبل العمر لماذا كل هذه الدراما
قلت : أرجوك دعني و شأني . ثم انصرفت
قلت في نفسي : لماذا لا أذهب ؟ لا ، لن أذهب .. كفاك عنادا ، حسن سأذهب رغما عني
سافرت إلى مدينتي و ذهبت لبيتهم ، طرقت الباب فاستقبلتني أمها بالترحاب : أنظري من أتى لزيارتك
كان الكل مجتمعا هناك ، أهلها و هي و عريسها ال ... بعدما ألقيت التحية على الجميع همست لي أمها : يمكنكما الذهاب لغرفتها كي تتحدثا بحرية ، و شكرتها لذلك الاهتمام
جلسنا معا في غرفتها ، و لم تتحدث أي منا للأخرى ، لم أستطع الكلام بل تمنيت لو أضمها و أبث لها حزني و أشكيها لنفسها .. آاااه كم اشتقت لك
قالت : لا أدري ما أقول
قلت بصرامة : لا داعي لأن تقولي أي شيء ، لم أحضر لأهنئك بعريسك المبجل بل جئت لأودعك لأنني سأرحل
سألتني : ترحلين إلى أين
أجبت : سأهاجر لأوروبا ، لم يعد لي مكان هنا
قالت : أتعلمين ! لم أدعه يلمسني لحد الآن ، لم أستطع ، أنت من أحب .. و أمسكت بيدي
نزعت يدي عنها و قلت : لا تتعبي نفسك ، فأنت الآن في طي النسيان . نهضت مسرعة و توجهت للباب و قبل أن أفتحه التفت إليها و قلت : ثقي بي أن السعادة لن تعرف لقلبك طريق ، و سيبقى حبي هاجسا يطاردك مدى الحياة
خرجت من منزلهم و أنا أدرف الدموع ، لماذا عاملتها بتلك القسوة ؟ لماذا حاولت أن انتقم منها لأرضي غرور ضعفي أمامها
ركبت سيارتي و توقفت بسرعة عند اشارة المرور .. التفت بالصدفة على يساري و إذا بي أجدها واقفة على الرصيف الآخر من الشارع .. هل يعقل أنها لحقت بي مباشرة بعد خروجي !! لم أستطع أن أتحرك من مكاني و أذهب إليها بل ظللت جالسة في مكاني أنظر إليها من نافذة السيارة ، كانت عيناها مغرورقتان بالدموع و كذلك عيناي
رأيتها تحاول عبور الشارع الكبير لتصل إلي و هي تجري ،،، فجأة ..... صدمتها سيارة مسرعة و سقطت على الأرض
خرجت من سيارتي بسرعة ، لم أصدق ما رأته عيناي ، حملتها بين دراعي و دماءها تنزف على ثيابي و يدي : لا لا لا ... أنا السبب ، أنا السبب .. أرجوك تمسكي ، ليتصل أحدكم بالإسعاف .. أرجوك لا تتركيني وحيدة هنا ، أتوسل إليك
نظرت إلي و هي بالكاد تتنفس و قالت : أحبك .... سقطت يدها على الأرض و فارقت الحياة
لم أجد كلمات مناسبة تعبر عما حدث بعد تلك اللحظة ... الحمد لله أنه كان مجرد كابوس فضيع رأيته قبل ثلاثة أسابيع
استيقظت بعده منهكة تماما و محطمة نفسيا ، اتصلت بها مباشرة لأتأكد أنه كابوس فعلا و ليس حقيقة
ألو .. هل .. كيف حالك صديقتي
هي : صباح الخير ، كيف حالك
بخير ، أ ... أردت فقط أن أطمئن عليك
رجعت إلى الواقع بعد تلك المغامرة لأجد نفسي .. و مرة أخرى ، أعيش كابوسا آخر.. كابوس الواقع