تحت شجرة كبيرة وارفة الظلال ، كنا جالستين معا ، وضعت رأسي على كتفها لوهلة و أغمضت عيني لكي أستمع لحفيف الشجر و أدع ذاك النسيم العليل الذي تعبق منه رائحة العشب الأخضر يتسلل ببطئ ليلامس مسامي... أحسست برعشة صغيرة بسبب الهواء البارد الذي تسرب داخلي على حين غرة ففتحت عيني و كأني اكتشفت شيئا غير متوقع، التفت إليها و قلت بدون أي مقدمات : أحبك
ضحكت و قالت : أعرف ذلك أيتها المغفلة
قلت : لا !! ليس حب صداقة ، بل أكثر من ذلك بكثير
قالت : ماذا تقصدين؟؟
وضعت يدي على رأسي كمن يحاول الهرب من شيء و عيني لا تقوى على التحديق مباشرة في عينيها
قالت :
هل تقصدين أنك ... أنك
تنفست الصعداء و عضضت على شفتي للحظة ثم قلت
قالت و الدهشة تعلو قسمات وجهها : هل جننتي ؟؟ عن أي حب تتكلمين .. هذا مجرد هراء
قلت : أنا آسفة ، لكنني أحبك كما لم أحب أحدا من قبلك ، لا أستطيع .. لا أستطيع أن أمنع نفسي ، فكل شيء خارج عن سيطرتي . أنا آسفة جدا
ساد صمت مخيف بيننا و لم تنطق بأي كلمة، تمنيت حينها أن أختفي من أمامها بأي وسيلة.. حاولت كسر حاجز الصمت بيننا و ساعتها لم أكن أعرف من أين لي تلك الجرأة لأقول :
يراودني إحساس قوي بأنك تبادلينني نفس الشعور ، أليس كذلك ... أرجوك أنت تقتلينني بصمتك ، تكلمي أرجوك
قالت : لا أدري
نهضت مسرعة و أمسكت بيديها و قلت : يجب أن أذهب الآن ، أتدرين ! أريدك بشدة .. أريد أن تكوني حبيبتي
لا .. لا تقولي أي شيء الآن ، فقط فكري جيدا .. اتفقنا ؟ إلى اللقاء
..............
فتحت باب المنزل ، و إذا بي أجده ممتلأ بالناس : أبي و أمي و العائلة و صديقات أمي و الجيران
أحسست أن هناك شيء ما يدعو للإرتياب ، كل النظرات كانت موجهة نحوي و لم أدري من أين أتتني تلك الصفعة الجافة على وجهي ، أدرت وجهي لأجد أبي في أوج غضبه : يا بنت .. ألا تستحي من نفسك
قلت : لماذا .. ماذا فعلت لأقابل هكذا
قالت أمي : ألا تعرفين .. ؟ هذه هي آخر تربيتي لك . تنكرين الجميل بهذه الطريقة
قال أبي : انطقي يا بنت و إلا أوسعتك ضربا .. هل صحيح ما سمعناه عنك .. !! هل أنت مثلية
نظرت إليه و ذهبت بنظري لأتفحص كل تلك الوجوه المتجهمة التي تنتظر كلمة واحدة مني لكي تنهال علي بالضرب
قلت : أنا .. ؟؟ من قال هذا الكلام .. أنا لست مثلية صدقوني هذا مجرد كلام فارغ . و ذهبت مسرعة إلى غرفتي لأتحاشى مواجهتهم ، و في تلك الأثناء رن هاتفي ، كانت على الخط صديقة قديمة تسكن بمدينة أخرى
قالت : مابك ترتجفين هكذا .. ماذا حدث لك
قلت و أنا أبكي : لا أعرف من قال لأهلي أنني مثلية و حتى سكان الحي علموا بذلك
قالت : ماذا قلت !! .. يالها من كارثة ، إياك أن تعترفي و إلا لن تعرفي ما سيحدث لك على يد أولائك الناس التي ترانا مجرد عاهرات
قلت : هل جننتي .. لن أعترف لهم أنني مثلية ، سيقتلونني لا محاله
سمعت دقات قوية على باب غرفتي : افتحي أيتها الملعونة لقد سمعنا كل شيء ، افتحي و إلا كسرنا الباب
يا ويلي لقد كانوا يسترقون السمع .. يا إلهي ماذا سأفعل الآن ؟؟ ماذا سأ... نعم النافذة . التفت حولي بسرعة و يداي ترتجفان حملت بعض النقود من درج المكتب و قفزت من نافذة غرفتي فهي المهرب الوحيد الذي أنقدني من الجحيم الذي كان ينتظرني وجدتني أجري بدون هوادة ، لم أعد أحس بأرجلي .. كنت أجري ، أجري فقط ، إلى أين ؟؟ لا أدري
توقفت عند هاتف عمومي و اتصلت فورا بصديقتي التي اتصلت بي من قبل
ألوا .. أنا .. و انفجرت بالبكاء
قالت : أرجوكي تمالكي نفسك .. ماذا حدث
قلت و بالكاد أنطق بالكلمات : لقد انتهى كل شيء ، لا أعرف .. أنا تائهة
قالت : لا تخافي هوني عليك و لماذا يوجد الأصدقاء
قلت : أنا خائفة .. لا أظنني سأعود للبيت .. لا أعرف ماذا سأفعل
قالت : قلت لك لا تخافي ، اسمعيني جيدا .. استقلي أي قطار ، سأكون بانتظارك في المحطة
قلت : هل أنت جادة ؟
قالت : سأنتظرك ، إياك ألا تفعلي .. على الأقل سيكون ذلك مؤقتا حتى تهدأ تلك الزوبعة
قلت : حسن
أقفلت الخط و أعدت الإتصال لكن هذه المرة اتصلت بالفتاة التي سلبت عقلي و قلبي ، حكيت لها عن كل ما حصل لي : أريدك أن تسافري معي
قالت : ماذا ؟ هل فقدت صوابك ، لا أستطيع طبعا
قلت : هل تعرفين أنني أحبك .. ألا تفهمين أنني لا أستطيع أن أعيش بدونك .. يا ربي، كيف سأشرح لك
قالت : كفاك أنانية ، ألا تفكرين سوى بنفسك .. هل أنت الوحيدة التي تعرفين الحب ، أنا أحبك أيضا ، أحبك أيتها المجنونة لكن ما تطلبينه مني مستحيل
قلت : مستحيل ها ؟ و ماهو الذي ليس مستحيلا في رأيك !! أن أبقى هنا و أدعهم يصلبونني على باب المدينة ؟ أن أصبح مسخرة و على كل لسان ؟ لا أستطيع إلا أن أكون أنا .. حسم الأمر الآن و لم يعد هناك وقت للتراجع
قالت : انت قاسية
قلت : قولي ما تشائين .. اسمعيني جيدا ، سأكون في محطة القطارات بعد ساعة من الآن ، ان كنت تحبينني فعلا فأنت تعرفين كيف تبرهنين على ذلك ، و ان كنت لا تحبينني .... الوداع
أقفلت الخط و أنا أتجرع آلام الندم على ما قلته ، لكنني كنت مرغمة على ذلك
بدأت أجر قدماي نحو الطريق المؤدية إلى المحطة و أنا منهكة تماما ، لم أعد أحس برغبة في الحياة ، أخذت أنظر إلى بنايات مدينتي و أتذكر كل الذكريات السعيدة و الحزينة و اللحظات التي قضيتها هنا و هناك و كل تلك الوجوه التي قابلت
دخلت المحطة و كانت تعج بالمسافرين ، أحسست أن الكل يعرف أنني مثلية ، أصبحت أشك حتى في ظلي الذي يتبعني ، لم أستحمل ذلك الاحساس الرهيب و ذهبت مسرعة لأشتري تذكرتين ، نعم ، تذكرتين لي و لها . كنت واثقة من نفسي و في نفس الوقت خائفة من أن تكون ثقتي مجرد أوهام ستتلاشى عندما أكتشف الحقيقة المرة
وقفت أمام القطار كجثة هامدة ، لا أفكر في أي شيء ، كأنني مبرمجة مسبقا على أنني سأستقله دون أن أعرف ماذا بعد
نظرت إلى ساعتي ، لم يعد هناك متسع من الوقت و القطار يطلق صافرته التي تزرع الخوف في النفس التفت حولي مئة مرة و لم أجد لها أثر ، هل يعقل ؟؟ لا .. لا .. ستأتي
أحسست بيد تربت على كثفي، خفت كثيرا يا إلهي هل يعقل؟ الفت لكنني لم أجد سوى
حارس المحطة..رجل عجوز يبتسم لي : اصعدي القطار يا ابنتي سينطلق بعد لحظات نظرت إليه بعيني الجامدتين و لم أنطق بكلمة و صعدت القطار و تمسكت ببابه أترقب حضورها .. بدأ القطار يتحرك ببطئ ، شيئا فشيئا و أنا أنظر يمينا و يسارا .. أحسست أن قلبي سينتزع من مكانه من شدة اليأس و الكآبة التي أصبت بهما .. بدأ القطار يتحرك ببطئ ، شيئا فشيئا
...........
يتبع
لقد إندمجت في القصه ...خفت...ركضت معها
ReplyDeleteمع أني لا أعرف أسميهما ...كان يجب عليكِ أن تكتبيهم
أحيانا لا تهم الاسماء بقدر ما يهم الاحساس
Deleteشكرا على مرورك
?اعجبني جنونها و جراتها, ما اسمها
ReplyDelete?و كيف علم الجميع
:) انتضر الجزء الثاني, عسى ان يكون بروعة الاول
بطلة القصة هي أنا :p
Deleteتحياتي
أحد أصدقاء البطلة هو من أفشى بسر البطلة
Deleteهل المثليون يولدون هكذا
ReplyDeleteبالطبع لا ولو أنه سبحانه و تعالي يخلق بعض الناس مثليين لما حرمت الممارسات المثلية و اكتفي بقول الله تعالي في سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...)
و كل من قال ان المثلون يولدون كذالك فهو مجرد كاذب يكذب على نفسة فهو مرض فلحد الان لم و لن يكتشف الاطباء أي شيء يؤكد علي انهم يولدون كذالك.
ما هي أهم أسباب المثلية باختصار
يعيش اغلب المثليين و المثليات هده الأسباب في الطفولة المبكرة و أيضا في مراهقتهم و تكون هده الأسباب قادرة علي التشويش و خلق اضطراب في هويتهم الجنسية .
التأثير البيولوجي
ثاتير العلاقات الاجتماعية و الإنسانية
العنف الأبوي أو العائلي
عدم التوحد بالوالد من نفس الجنس
الإيذاء النفسي
الحساسية المفرطة
الإساءة الجنسية
التحرش الجنسي أو الاغتصاب
عدم تطور الشخصية الذكورية عند الاولاد
او الشخصية الانثوية عند البنات
الفشل في الانتماء للذكور بالنسبة للولد أو بالإناث بالنسبة للبنت .
الإحساس بالحرمان العاطفي و بالجوع للحب من نفس الجنس .
التعرف للسخرية من الأقران أو للعنف المدرسي
عدم الوعي الجنسي ...الخ
هذا رأيك و هو يحترم
Deleteلكن كل التعميم خاطئ
كل انسان حر في اختيار طريقه و ما يناسبه
تحياتي
تحية لك جدا على ما كتبتيه! أعجبني جدا و أرجو أن نقرأ لك بعده كثيرا.
ReplyDeleteأنس
شكرا لك أنس
Delete:)