
كان من المستحيل أن تعود بعدما افترقتا، بل كان من رابع المستحيلات أن تفكر في العودة مجددا لحبيبتها
بعد كل تلك المعانات التي تكبدتها لكي تلملم جراحات الفراق.. و لكي تستأصل ورم الحزن الذي كان يتجدر داخل أعماقها كل ثانية و يحيل كل المساحات الشفافة داخلها ظلالا سوداء
كان مرضها الوحيد و إدمانها الوحيد و نبيذها الوحيد و ذنبها الوحيد هو حبيبتها.. و بعدما أفاقت من غيبوبة العشق تلك لم تجد سوى عالم مليء بالكآبة و الضياع السحيق.. لطالما تساءلت كيف للإنسان أن يضع حياته و كل شيء يمتلكه بين يدي شخص آخر، شخص لم يفقه ربع ذلك الحب ليأتي بكل رعونة و يبعثر كل حلقات تلك الرابطة المقدسة التي علقت عليها من شرائط الأمل و العفوية و السعادة و يصنع منها حبلا من قسوة يشد به الخناق على كل إحساس جميل و كل نفس يحاول استنشاق الحياة
حاولت جاهدة عدم تذكر أي شيء يربطها بحبيبتها.. رغم أن مجرد ذكر اسمها أو شيء له علاقة بها يثير فيها جحيم الألم و المرارة.. و تلك الغيرة التي لم تنطفئ لها نار بمجرد أن تهدأ نفسها حتى تنشب في أوصالها لهيبها الحارق فتحس بغضب عارم يدفعها إلى الانتقام من خليلات حبيبتها خيالا
قررت قطع أي صلة بتلك الحبيبة التي لم يهزها البعد و لا الشوق و لم يهزها صوت أنين قلب حبيبتها منتصف كل ليلة.. حين تغط ضوضاء الحياة في صمت عميق و تجد نفسها تحت رحمة أنياب الوحدة الحادة
قررت أن تمتنع حتى عن الهمس لها داخل أعماقها، و بكل تلك الإرادة و الرغبة في سحق سيجارة الماضي تحت قدميها قاومت وجع التناسي و عادت للحياة من جديد محاولة إطلاق سراح معاناتها و عيش الحاضر بقوة...
إلى أن عصف بها الشوق في إحدى الليالي الشتوية الباردة، فسرت في جسدها الدافئ قشعريرة باردة جعلتها تحس برغبة في البكاء.. لبد أن أقنعتها كانت نائمة بعمق حينها لتقوم من سريرها بخطى خافتة و تتسلل بهدوء حتى لا تستيقظ كرامتها و عزة نفسها فتردعها عن القيام بعمل طائش
تسللت إلى درجها تشد كيانها أسلاك الشوق و روحها متلهفة لملامسة ذكريات حبيبة تاهت في سراديب النسيان، فتحت الدرج و أخرجت منه صندوقا خشبي ناعم الملمس بني اللون لم يفتح منذ أربع سنوات.. صندوق مليء برسائل الاعترافات و النظرات الأولى و الهمسات الأولى و أول كلمة حب و أول حرف شوق و مواعيدهما و أوراق ورود متناثرة و زجاجة عطر لازالت تحتفظ بعبقها المعتق.. تلك الرائحة كانت كافية لترجع بها أربع سنوات للوراء و تجعلها تحلق في سماء ذلك الحب الحالم الذي حكم عليه أن يظل حبيس تلك الرسائل و تلك الذكريات و ذلك الزمن
تلك الليلة كسر الشوق و الحنين سلاسل صمودها و مقاومتها و قادها إلى ما وراء الحدود.. أخذت تقرأ كل رسالة بتأني فتضحك تارة و تبكي أخرى و تضم إليها كل تلك الأشياء التي لمست يدي حبيبتها يوما
لم تدر لما تحتفظ بصندوق الرسائل ذاك لكنها لم تكلف نفسها عناء التفكير في الجواب فهنالك دائما أشياء أكبر من أن تستوعبها، السؤال الذي كان يشغلها هو عما إذا كانت حبيبتها تحتفظ هي الأخرى برسائلها.. هل ألقت بها في سلة المهملات في لحظة غضب؟ أم أحرقتها بنار المدفئة و أحرقت معها الشعور بالندم؟
حملت الصور بيديها..
هذه الصورة التقطت في الشاطئ، كانت مستلقية فيها على الرمال و حبيبتها مستلقية أمامها واضعة نظاراتها الشمسية الكبيرة و تلك الابتسامة المشاغبة مرسومة على محياها.. دققت النظر فيها و لمست وجهها بأصبعها لبرهة ثم دست الصورة تحت الرسائل بسرعة
هذه صورة أخرى تظهر فيها و هي تمسك بذراع حبيبتها التي سقطت من دراجتها الهوائية في الوحل و ضحكتهما تعلو المكان... و عيناهما مملوءتان بعشق عابث
أرجعت كل تلك الأشياء إلى الصندوق و مررت أصابعها لتمسح الدموع العالقة بعينيها و عادت لسريرها بعدما هدأت نفسها بعض الشيء
كلمات رائعة دافئة لكن مؤلمة
ReplyDeleteما أصعب لحظات ولسعات الشوق بعد الفراق
شاهدت جميع الموضوعات احييكي فعلا على الاسلوب الراقي
شكرا لقلمك
دمتي بخير وكثير من الحب
عزيزتى
ReplyDeleteقصتك جميلة اوى مثلما تنتهى لحظات السعادة سريعا فتكون دائما لحظات الفراق فيها من القصوة ما يجعلنا نحى فى محرقة الفراق والبعد
دمتى بخير
هكذا نحن نعشق وللحب نعلن انفسنا اسر ى
ReplyDeleteويأتي الفراق و تدفن المشاعر
و لا نعرف للحياة اي مجرى
كلمات رائعة و إحساس اروع تقبلي تحياتي ومروري المتواضـــــــــــــــــــــع
سلام
ReplyDeleteشكرا لحسن استقبالي في البوست السابق و احيي اسلوبك في الحوار
ارجع لي هذا البوست
لما قرأته حسيت انكي رائعة ان تنظري لي حبك و جرحك حنينك من نظرة محايدة الاني انا متاكدة انو القصة تروى فراق انتي عشتيه الانو الكلمات من قوة معانيها ما تكون الا محسوسة في صميم الب التى خطت هاته السطور
اسلوبك الغير جارح ملئ بالحنان و الحنين جميل و مأثر
و خاصة هاته الجملة التي اظهرتي فيها كل جمال انسانة احترمت الحبيبة و الحب
طالما علمت أن حبيبتها لم تكن بذلك السوء لتتسبب في كل تلك الفوضى التي عمت حياتها بعد الفراق، لكنه الحب، جحيم الحب عندما يعود بخط الزمن إلى الوراء.
احترامي الك
kiss
نبرة مؤثرة وشيء من الحسرة
ReplyDeleteصحيح جحيم الحب مرير و الاشتياق امر
sos-lady!!
هاي , لقد عرفت من تكونين إنطلاقا من أسلوبك ،من كلماتك ،و من طريقة تعبيرك..المهم يا صاحبة الموهبة و الأحاسيس الراقية، أشعر بك تماما، وأرجوك..نعم أرجوك بألا تتحسري وبأن لا تندمي ،لأنك بذلك تغرقين نفسك في الألم و المعانات ، فإمرأة مثلك لا تستحق أن تتألم ،كما أن الشخص الذي تتألمين من أجله لا يستحق حبك حتى.
ReplyDeleteعزيزتي،
ReplyDeleteاسمع المك، صوتك و صمتك... لا زلت ايضا احتفظ بشالها، صورها و رسائلها... في الأمس بكيت شوقا و اليوم بكيت ألما... لأنها ايضا لا زالت تسكنني حتى بعد 4 سنوات!
شكرا للقصه الحقيقه
ReplyDeleteصافي الود
حين تمضي 4 سنوات دون أن نشفى
ReplyDeleteتطل الأسئلة برؤوسها المحيرة
الإجابة واضحة..فمن يعشق دائما الأقل قدرة على النسيان
خاصة في ظل زلزال خساراته..
للقلب صدوعه المذهلة..
وأيضا تعافيه القادم
AnGel
ReplyDeleteما أصعبه حين يأتي على حين غرة
شكرا لتواجدك
تحياتي
-----
عاشقة حبيبي
أحيانا نحس بالفراق و نحن مع الحبيبة
دمتي بخير
-----
Anonymous
شكرا لمرورك
-----
Liza_Lez
كوننا نعاتب تلك الحبيبة التي من الممكن أنها تركتنا يوما ما
لا يجعلنا نكرهها مهما حصل لأن الحب الذي أحسسنا به يوما اتجاهها فوق كل ألم
ربما نحن من لنا يد في الألم الذي نحس به
لكن من عادة الانسان ان يلقي اللوم و العتاب على الأخر
تحياتي
-----
sos-lady
لا نحس بمرارة الشوق و حرارته حتى نفقد من نحب
أتمنى أن نعي ذلك حتى نحافظ على من نحب قبل فقدانه
شكرا لمرورك
----
sara
ليست لدي فكرة عما قلتي لكن
يبقى مرورك مشكورا ها هنا
تحياتي
-----
فلسطينية مثلية
مشكلة الانسان انه رغم مرور الوقت لا يطلق سراح ماضيه
ماذا لو أعطينا فرصة جديدة لأنفسنا؟
تحياتي
-----
أبنوسة
شكرا لمرورك
دمتي بود
----
كتابة
للقلب صدوعه المذهلة..
وأيضا تعافيه القادم
هذا ما نحتاجه
الحياة تستمر رغم الألم لماذا سنقف على الأطلال مطولا
تحياتي لك
hahahahahaha......dahaktini wlah.....wa m3aman nti !!!!!
ReplyDeleteكم هو عميق ألم الفراق
ReplyDeleteفمازالت تسكنني حتى بعد 10 سنوات من الفراق
كتباتك رااائعه جدا
استمري